هل هذا هو الفراق يا عراق؟، منذ الطفولة وقد تربينا على أن بغداد عاصمة الحضارة الإسلامية، وعلى أن العراق هو موطن الشعر والجمال والرفاهية والأبهة وهارون الرشيد وألف ليلة وليلة والبهجة والرقص والثراء والغناء، فإذا بنا نصحو على خراب ونستيقظ على دمار، وحوش بشرية اسمها «داعش» جاءت لتلتهم أشلاء العراق وتتاجر بشظايا بقايا الروح، تحطم التاريخ وتستبيح الذاكرة وتلعب بجماجم البشر الكرة!، هل نبكى على ضياع أرض العراق أم نبكى على ضياع معنى الإنسانية والضمير والدين الذى شوهه هؤلاء البلطجية الرعاع؟ ليس أفضل من أن نغسل أرواحنا بأبيات الشعر الذى يبكى على العراق من المتنبى حتى نزار: قال المتنبى غزلاً وعشقاً فى العراق: من أسكن الشاعر الولهان موطنه.. بغداد أنت نجوم الليل والظلمِ بغداد أنت شفاء العين من رمدٍ.. بغداد أنت لقاء الله بالأممِ طردت منك لكن لا أودعك.. بغداد أنت انبراء الروح من سقمِ الشمس أنت فضاء الدوح مبتهجٌ.. أو جنة الجنات أرضها علمى بغداد أنت دواء القلب من عجزٍ.. بغداد أنت هلال الأشهر الحرمِ بغداد أنت هوى العصفور مهجته.. كالريح تعزف ألواناً من الحلمِ شتان أنت سوى حلمٍ شغفت به.. ذا الحلم كالموت مريحٌ بعضه يلمِ بغداد كونى للحوادث ضيغماً.. للموت بعد حياةٍ فيه منتقمِ قد كان ما أصبو بالله لى هدفاً.. شتان ما أصبو والله أن يسمِ أصبو الحياة بعيداً عن مساوئها.. إنّ الحياة خمارٌ برقعٌ دلمِ بغداد تصرخ والأعراب يشغلها.. حكم العبيد بعيد العزّ والكرمِ يا روح دجلة للأرواح مالكةٌ.. تبكى عليك عيونٌ قلّ ما تنمِ تبكى عليك عيونٌ غاب بؤبؤها.. وذى سيوفٌ لطعم الطعن تلتهمِ تبكى عليك عيونٌ ذبن من أرقٍ.. وبى عذابٌ بريح الغدر من دَلَمِ وواصل نزار قبانى قصيدة العشق العراقى بعدما فقد رفيقة حياته بنت دجلة والفرات بلقيس: عيناك يا بغداد منذ طفولتى شمسان ناعمتان فى أهدابى لا تنكرى وجهى فأنت حبيبتى وورود مائدتى وكأس شرابى بغداد جئتك كالسفينة متعباً أخفى جراحاتى وراء ثيابى بغداد عشت الحسن فى ألوانه لكن حسنك لم يكن بحسابى ماذا سأكتب عنك يا فيروزتى هواك لا يكفيه ألف كتاب قبل اللقاء الحلو كنت حبيبتى وحبيبتى تبقين بعد ذهابى أما شاعر الحب أحمد رامى فقد قال فيها: ايه بغداد والليالى وكتاب ضم أفراحنا وضم المآسى عبث الدهر فى بساتينك الغناء والدهر حين يعبث قاس فتصديت للغزاة وجابهت إذا هم مثل الجبال الرواسى انتهت القصائد والبكائيات وأدعو الله ألا تكون تلك الأيام هى نهاية العراق.